الصحبة الصالحة
يقول سبحانه و تعالى:
الأَخِلاَّء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ} الزخرف/67}
إخوة الإسلام، يخبرُنا اللهُ تباركَ وتعالى في هذه الآيةِ أن الذين كانوا في هذه الدنيا أَخِلاءَ أحِبّاءَ ينقلبونَ في الآخرة أعداء بعضهم لبعض إلا المتقين فإنهم تبقى مودتُهم بينهم في الآخرة.
الصديقُ الصالحُ هو الذي يُرشِدُكَ إلى طاعةِ الله ، فبدلَ أنْ يقولَ لكَ أين تريدُ أن تُمضيَ السهرةَ اليوم ، في أيِّ مقهًى أو في أيِّ سينما أو على أيَّةِ فضائيةٍ، يقولُ لكَ في أيِّ مجلسِ علمٍ سنحضُرُ اليومَ بإذنِ الله، لأنَّ علامةَ الفلاحِ في الشخصِ طلبُ الازديادِ منْ علمِ الدِّين ، فالمتقونَ يجتمعونَ على طاعةِ اللهِ ويَفترقونَ على طاعةِ الله لا يغشُّ بعضُهم بعضًا، ولا يخونُ بعضُهم بعضًا، ولا يدُلُّ بعضُهم بعضًا إلى بدعةِ ضلالةٍ أ و فِسقٍ أو فُجورٍ أو ظُلم ، اجتَمَعُوا على محبةِ بعضِهم في اللهِ وهذا هو الصديقُ في المحبة، ثم إن حصلَ مِن أحدٍ معصيةٌ ينهاهُ أخوهُ ويزجُرُهُ لأنَّه يُحبُّ لهُ الخير. فقد قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:
"المؤمنُ مِرآةُ أخيهِ "
المؤمنُ مِرآةُ أخيهِ المؤمن، ينصَحُه حتى يَصلُح حالُه . المرآةُ أليست تكشفُ ما يكونُ في وجهِ الإنسانِ مما لا يُعجِبُ لِيُزَال؟ الرسولُ صلى الله عليه وسلم شبّهَ المؤمنَ بالمرآة ، معناهُ يَدُلُّ أخاهُ لإزالةِ ما فيهِ منَ الأمرِ القبيح ، يقولُ له: اترُكْ هذا الفعلَ. لا يتركُهُ على ما هو عليهِ بل يُبَيِّنُ له .
فاخترْ أخي المسلم لكَ ولأولادِكَ الصديقَ الصالحَ الذي تجمّلَ بالصفاتِ الحميدةِ، بالمحبةِ والتناصُح، يحبُّكَ لله وينصحُك لله ، يعينُكَ على البِرّ والخيرِ الذي يرضاهُ اللهُ عزّ وجلّ ، فقد قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في الحديثِ القدسي: "قالَ اللهُ تعالى:
وَجَبَتْ مَحَبَّتِي للمُتحابِّينَ فِيَّ، والمتجالسينَ فِيّ والمتزاوِرِينَ فِيّ "
وقال صلواتُ ربي وسلامُه عليه: "المتحابُّونَ في اللهِ يكونونَ يومَ القيامةِ في ظلِّ العَرْشِ يومَ لا ظِلّ إلا ظلُّه يَغبطُهُم بمكانهمُ النبيونَ والشّهداء" . أيِ الأنبياءُ والشهداءُ يُسرُّونَ لِرؤيتِهم في ظلِّ العرش .
اللهمّ اجعلنا من المتحابِّينَ فيكَ، ومنَ الذين يجتمعونَ على طاعتِكَ وثَبِّتْنا على الإيمانِ وسدِّد خُطانا نحوَ الخيرِ يا أرحمَ الرّاحمين .